للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ { [سورة التحريم: ١١] .

(إن هذه المرأة لم يصدها طوفان الكفر الذي تعيش فيه، في قصر فرعون عن طلب النجاة وحدها، وقد تبرأت من قصر فرعون طالبة إلى ربها بيتاً في الجنة وتبرأت من صلتها بفرعون فسألت ربها النجاة منه، وتبرأت من عمله مخافة أن يلحقها من عمله شيء وهي ألصق الناس به. " ونجني من فرعون وعمله" وتبرأت من قوم فرعون وهي تعيش بينهم " ونجني من القوم الظالمين " أنه مثل للاستعلاء على عرض الحياة الدنيا في أزهى صورة، فقد كانت امرأة فرعون، أعظم ملوك الأرض يومئذ!! في قصر فرعون أمتع مكان تجد فيه امرأة ما تشتهي! لقد استعلت على هذا بالإيمان ولم تعرض عنه فحسب، بل اعتبرته شراً ودنساً وبلاء تستعيذ بالله منه.

إنها امرأة واحدة في مملكة عريضة قوية. وقفت وحدها في وسط ضغط المجتمع وضغط القصر، وضغط الملك، وضغط الحاشية، ورفعت رأسها للسماء! إنه التجرد الكامل من كل هذه المؤثرات والأواصر) (١) .

إن وقوف هذه المرأة أمام ذلك الجبار من الأهمية بمكان، عل في ذلك ما يدفع تثبيط الشيطان وحزبه لبعض دعاة الإسلام وهم يخافون أن يمسهم الناس بشيء لم يكتبه الله عليهم.

ألا فلنأخذ من قرآننا عبرة وعظة، وشحنة عمل، ومنهاج دنيا وآخرة حتى نقوم بما كلفنا الله به وشرفنا بالانتساب إليه وهي الدعوة إلى الله.

يقول قتادة: كان فرعون أعتى أهل الأرض وأبعده ـ فوالله ما ضر امرأته كفر زوجها حين أطاعت ربها لتعلموا أن الله حكم عدل، لا يؤاخذ أحداً إلا بذنبه (٢)


(١) في ظلال القرآن (٦/٣٦٢٢) بتصرف
(٢) تفسير ابن كثير (٨/١٩٩)

<<  <   >  >>