للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانظر إلى ولاء هذا الرجل المؤمن لنبي الله موسى ونصرته له، وتدبر براءة من الطاغية حتى وهو يصب عليه العذاب.

وأخيراً نقف مع الفتية الصلحاء (أصحاب الكهف) الذين تركوا الأهل والولد والوطن والعشيرة حين علموا أنه لا طاقة لهم بمواجهة ومجابهة قومهم فنجوا بأنفسهم إلى ذلك الكهف الذي تجلت فيه معجزة عظيمة يسوقها الله لنا عبرة وعظة في حفظه لعباده الصالحين.

قال تعالى:

{إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى {١٣} وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا {١٤} هَؤُلاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا {١٥} وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا { [سورة الكهف: ١٣-١٦] .

لقد كان موقف هؤلاء الفتية صريحاً وواضحاً وحاسماً. وحين تتباين الطريقان ويختلف المنهجان لا يعود هناك سبيل إلى الالتقاء ولا للمشاركة في الحياة. بل لا بد من الفرار بالعقيدة.

انهم ليسوا رسلاً إلى قومهم فيواجهوا بالعقيدة الصحيحة ويدعوهم إليها، ويتلقوا ما يتلقاه الرسل، إنما هم فتية تبين لهم الهدى في وسط ظالم كافر، ولا حياة لهم في هذا الوسط إن هم أعلنوا عقيدتهم وجاهروا بها. وهم أيضاً لا

<<  <   >  >>