وهؤلاء ليسوا منافقين في أصح القولين، بل هم مسلمون بما معهم من طاعة الله ورسوله، وليسوا مؤمنين. وإن كان معهم جزء من الإيمان أخرجهم من الكفار.
(قال الإمام أحمد: من أتى هذه الأربعة أو مثلهن أو فوقهن - يريد الزنا والسرقة وشرب الخمر والانتهاب - فهو مسلم ولا أسميه مؤمناً، ومن أتى دون ذلك - يريد دون الكبائر - سميته مؤمناً ناقص الإيمان، فقد دل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم (فمن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق) . فدل على أنه يجتمع في الرجل نفاق وإسلام.
كذلك الرياء شرك، فإذا رآى الرجل في شيء من عمله اجتمع فيه الشرك والإسلام.
(وإذا حكم بغير ما أنزل الله، أو فعل ما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفراً، وهو ملتزم للإسلام وشرائعه فقد قام به كفر وإسلام.
وقد بينا أن المعاصي كلها شعب من شعب الكفر، كما أن الطاعات كلها شعب من شعب الإيمان، فالعبد تقوم به شعبة أو أكثر من شعب الإيمان، وقد يسمى بتلك الشعبة مؤمناً، وقد لا يسمى. كما أنه قد يسمى بشعبة من شعب الكفر كافراً، وقد لا يطلق عليه هذا الإسلام. فها هنا أمران: أمر اسمي لفظي، وأمر معنوي حكمي.
فالمعنوي: هل هذه الخصلة كفر أم لا؟
واللفظي: هل يسمى من قامت به كافراً أم لا؟
فالأمر الأول: شرعي محض، والثاني لغوي وشرعي.
(وها هنا أصل آخر: وهو أنه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الإيمان بالعبد أن يسمي مؤمناً وإن كان ما قام به إيماناً، ولا من قيام شعبة من شعب الكفر به أن يسمى كافراً، ,إن كان ما قام به كفراً. كما أنه لا يلزم من قيام جزء من أجزاء العلم به أن يسمى عالماً: ولا من معرفة بعض مسائل الفقه والطب أن