للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر ابن الجوزي رحمه الله:

(أن أصل الدخل في العلم والاعتقاد: من الفلسفة وذلك أن خلقاً من العلماء في ديننا لم يقنعوا بما قنع رسول الله صلى عليه وسلم من الانعكاف على الكتاب والسنة، بل أوغلوا في النظر في مذاهب أهل الفلسفة وخاضوا في الكلام الذي حملهم على مذاهب ردية أفسدوا بها العقائد) (١) .

أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيقول:

(هؤلاء أهل الكلام المخالفون للكتاب والسنة الذين ذمهم السلف والأئمة، أنهم لم يقوموا بكمال الإيمان ولا بكمال الجهاد، بل أخذوا يناظرون أقواماً من الكفار وأهل البدع الذين هم أبعد عن السنة منهم، بطريق لا يتم إلا برد بعض ما جاء به الرسول، وهذا لا يقطع أولئك الكفار بالعقول فلا آمنوا بما جاء به الرسول حق الإيمان، ولا جاهدوا حق الجهاد. وأخذوا يقولون: أنه لا يمكن الإيمان بالرسول ولا جهاد الكفار، والرد على أهل الإلحاد والبدع إلا بما سلكناه من المعقولات!!، وإن ما عارض هذه المعقولات من السمعيات يجب رده تكذيباً، أو تأويلاً، أو تفويضاً. لأنها أصل السمعيات، وإذا حقق الأمر عليهم وجد الأمر بالعكس) (٢) .

وكلمة أخيرة نذكرها للعبرة والعظة، وهي كلمة لأحد أولئك الذين خاضوا في بحر الكلام اللجي ثم خرجوا منه يطلبون النجاة. إنها كلمة أبي عبد الله محمد بن عمر الرازي حيث قال:

(لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلاً، ولا تروي غليلاً. ورأيت أقرب الطرق. طريقة القرآن.. ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي) (٣) . هذا وإنه لحري بالأمة، وبعد أن عاشت قروناً من الضياع والتخبط أن تعود إلى المشكاة الربانية كتاب الله وسنة رسوله، فتتدبر معانيها، وتعمل بما فيها ففي ذلك النجاح


(١) صيد الخاطر: تحقيق الطنطاوي (ص٢٠٥) الطبعة الثانية ١٣٩٨ هـ.
(٢) موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول (١/٢٣٨) تحقيق محيي الدين عبد الحميد ومحمد حامد الفقي.
(٣) شرح الطحاوية (ص٢٢٧) .

<<  <   >  >>