نالك الخير، فخذ من درة ... شخبه الاول، واترك ما عزز
واترك الحرص عليها ضنة ... واشبب النار لمقرور يكز
ان مصرا لعلى او لنا ... يغلب اليوم عليها من عجز
وسمع معاويه ذلك، فلما اصبح بعث الى عمرو، فاعطاه ما سال، وكتبا بينهما في ذلك كتابا، ثم ان معاويه استشار عمرا في امره، وقال ما ترى؟
قال عمرو: انه قد أتاك في هذه البيعه خبر اهل العراق من عند خير الناس، ولست ارى لك ان تدعو اهل الشام الى الخلافه، فان ذلك خطر عظيم حتى تتقدم قبل ذلك بالتوطين للاشراف منهم، واشراب قلوبهم اليقين، بان عليا مالا على قتل عثمان، واعلم ان راس اهل الشام شرحبيل بن السمط الكندى، فأرسل اليه ليأتيك، ثم وطن له الرجال على طريقه كله، يخبرونه بان عليا قتل عثمان، وليكونوا من اهل الرضى عنده، فإنها كلمه جامعه لك اهل الشام، وان تعلق هذه الكلمه بقلبه لم يخرجها شيء ابدا.
فدعا يزيد بن اسد، وبسر بن ابى ارطاه، وسفيان بن عمرو، ومخارق بن الحارث، وحمزه بن مالك، وحابس بن سعد، وغير هؤلاء من اهل الرضا عند شرحبيل بن السمط، فوطنهم له على طريقه، ثم كتب اليه يأمره بالقدوم عليه، فكان يلقى الرجل بعد الرجل من هؤلاء في طريقه، فيخبرونه ان عليا مالا على قتل عثمان، ثم اشربوا قلبه ذلك.
فلما دنا من دمشق امر معاويه اشراف الشام باستقباله، فاستقبلوه، وأظهروا تعظيمه، فكان كلما خلا برجل منهم القى اليه هذه الكلمه، فاقبل حتى دخل على معاويه مغضبا، فقال: ابى الناس الا ان ابن ابى طالب قتل عثمان، والله لئن بايعته لنخرجنك من الشام، فقال معاويه: ما كنت لاخالف امركم، وانما انا