للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحد منكم. قال: فاردد هذا الرجل الى صاحبه يعنى جريرا فعلم عند ذلك معاويه ان اهل الشام مع شرحبيل، فقال لشرحبيل: ان هذا الذى تهم به لا يصلح الا يرضى العامه، فسر في مدائن الشام، فاعلمهم ما نحن عليه من الطلب بثار خليفتنا وبايعهم على النصره والمعونة.

فسار شرحبيل يستقرى مدن الشام، مدينه بعد مدينه، ويقول: ايها الناس، ان عليا قتل عثمان، وانه غضب له قوم فلقيهم، فقتلهم، وغلب على ارضهم، ولم يبق الا هذه البلاد، وهو واضع سيفه على عاتقه، وخائض به غمرات الموت حتى ياتيكم، ولا يجد أحدا اقوى على قتله من معاويه، فانهضوا ايها الناس بثار خليفتكم المظلوم. فأجابه الناس كلهم الا نفرا من اهل حمص نساكا، فإنهم قالوا نلزم بيوتنا ومساجدنا، وأنتم اعلم.

فلما ذاق معاويه اهل الشام، وعرف مبايعتهم له قال لجرير الحق بصاحبك، واعلمه انى واهل الشام لا نجيبه الى البيعه، ثم كتب اليه بابيات كعب بن جعيل:

ارى الشام تكره ملك العراق ... واهل العراق لهم كارهونا

وكل لصاحبه مبغض ... يرى كل ما كان من ذاك دينا

وقالوا على امام لنا ... فقلنا رضينا ابن هند رضينا

وقالوا نرى ان تدينوا لنا ... فقلنا لهم لا نرى ان ندينا

وكل يسر بما عنده ... يرى غث ما في يديه سمينا

وما في على لمستعتب ... مقال سوى ضمه المحدثينا

وليس براض ولا ساخط ... ولا في النهاة ولا الامرينا

ولا هو ساء ولا سره ... ولا بد من بعد ذا ان يكونا

فلما قرأ على رضى الله عنه قال للنجاشي أجب، فقال:

دعن معاوي ما لن يكونا ... فقد حقق الله ما تحذرونا

أتاكم على باهل العراق ... واهل الحجاز فما تصنعونا

<<  <   >  >>