للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاراده معاويه على ان يقوم في الناس فيلزم عليا دم عثمان، فأبى، فاستخف به معاويه، ثم ادناه بعد وقربه.

قالوا: ولما عزم اهل الشام على نصر معاويه، والقيام معه اقبل ابو مسلم الخولاني، وكان من عباد اهل الشام، حتى قدم على معاويه، فدخل عليه في اناس من العباد، فقال له: يا معاويه قد بلغنا انك تهم بمحاربه على بن ابى طالب، فكيف تناوئه [١] وليست لك سابقته؟، فقال لهم معاويه: لست ادعى انى مثله في الفضل، ولكن هل تعلمون ان عثمان قتل مظلوما؟، قالوا: نعم [٢] ، قال: فليدفع لنا قتلته حتى نسلم اليه هذا الأمر.

قال ابو مسلم: فاكتب اليه هذا الأمر، حتى انطلق انا بكتابك، فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، من معاويه بن ابى سفيان الى على بن ابى طالب، سلام عليك، فانى احمد إليك الله الذى لا اله الا هو، اما بعد، فان الخليفة عثمان قتل معك في المحله، وأنت تسمع من داره الهيعة [٣] ، فلا تدفع عنه بقول ولا بفعل، واقسم بالله لو قمت في امره مقاما صادقا، فنهنهت [٤] عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحدا، واخرى أنت بها ظنين، ايواؤك قتلته، فهم عضدك ويدك وأنصارك وبطانتك، وبلغنا انك تبتهل [٥] من دمه، فان كنت صادقا فأمكنا من قتلته، نقتلهم به، ونحن اسرع الناس إليك، والا فليس لك ولا لأصحابك عندنا الا السيف، فو الله الذى لا اله غيره لنطلبن قتله عثمان في البر والبحر حتى نقتلهم او تلحق أرواحنا بالله والسلام.

فسار ابو مسلم بكتابه حتى ورد الكوفه، فدخل على على، فناوله الكتاب، فلما قراه تكلم ابو مسلم، فقال يا أبا الحسن، انك قد قمت بأمر، ووليته،


[١] في الأصل: تناويه.
[٢] في الأصل: بلى.
[٣] الهيعة: صوت الصارخ للفزع.
[٤] النهنهه: الزجر والكف.
[٥] اى تتحلل.

<<  <   >  >>