وو الله ما نحب انه لغيرك ان اعطيت الحق من نفسك، ان عثمان رضى الله عنه قتل مظلوما، فادفع إلينا قتلته، وأنت أميرنا، فان خالفك احد من الناس كانت أيدينا لك ناصره، وألسنتنا لك شاهده، وكنت ذا عذر ومحجه، فقال له على: اغد على بالغداة. وامر به، فانزل، واكرم.
فلما كان من الغد دخل الى على وهو في المسجد، فإذا هو بزهاء عشره آلاف رجل، قد لبسوا السلاح، وهم ينادون: كلنا قتله عثمان، فقال ابو مسلم لعلى: انى لأرى قوما ما لك معهم امر، واحسب انه بلغهم الذى قدمت له، ففعلوا ذلك خوفا من ان تدفعهم الى.
قال على: انى ضربت انف هذا الأمر وعينه، فلم أر يستقيم دفعهم إليك ولا الى غيرك، فاجلس حتى اكتب جواب كتابك. ثم كتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله على امير المؤمنين الى معاويه بن ابى سفيان، اما بعد، فان أخا خولان قدم على بكتاب منك، تذكر فيه قطعى رحم عثمان، وتاليبى الناس عليه، وما فعلت ذلك، غير انه رحمه الله عتب الناس عليه، فمن بين قاتل وخاذل، فجلست في بيتى، واعتزلت امره، الا ان تتجنى فتجن ما بدا لك، فاما ما سالت من دفعى إليك قتلته، فانى لا ارى ذلك، لعلمي انك انما تطلب ذلك ذريعه الى ما تامل، ومرقاه الى ما ترجو، وما الطلب بدمه تريد، ولعمري لئن لم تنزع عن غيك وشقاقك لينزل بك ما ينزل بالشاق العاصي الباغى، والسلام.
وكتب الى عمرو بن العاص:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله على امير المؤمنين الى عمرو بن العاص، اما بعد، [فان الدنيا مشغله عن غيرها، صاحبها منهوم فيها، لا يصيب منها شيئا الا ازداد عليها حرصا، ولم يستغن بما نال عما لا يبلغ، ومن وراء ذلك فراق ما جمع،][والسعيد من اتعظ بغيره،] فلا تحبط عملك بمجاراه معاويه في باطله، فانه سفه الحق واختار الباطل والسلام.