للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يحبون البقاء بعدك، فسر بنا الى اعدائك، فو الله ما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من احبه، ولا يعيش بالأمل الا المغرور.

فأجابه جل الناس الى المسير، الا اصحاب عبد الله بن مسعود، وعبيده السلماني، والربيع بن خثيم في نحو من أربعمائة رجل من القراء، فقالوا: يا امير المؤمنين، قد شككنا في هذا القتال، مع معرفتنا فضلك، ولا غنى بك ولا بالمسلمين عمن يقاتل المشركين، فولنا بعض هذه الثغور لنقاتل عن اهله.

فولاهم ثغر قزوين والري، وولى عليهم الربيع بن خثيم، وعقد له لواء، وكان أول لواء عقد في الكوفه.

قالوا: وبلغ عليا ان حجر بن عدى وعمرو بن الحمق يظهران شتم معاويه، ولعن اهل الشام، فأرسل إليهما ان كفا عما يبلغني عنكما. فاتياه، فقالا: يا امير المؤمنين، السنا على الحق، وهم على الباطل؟، قال: بلى، ورب الكعبه المسدنه، قالوا: فلم تمنعنا من شتمهم ولعنهم؟، قال: [كرهت لكم ان تكونوا شتامين لعانين، ولكن قولوا: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، واصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوى عن الغى من لجج به.

] قالوا: ولما عزم على رضى الله عنه على الشخوص امر مناديا، فنادى بالخروج الى المعسكر بالنخيلة [١] ، فخرج الناس مستعدين، واستخلف على على الكوفه أبا مسعود الأنصاري، وهو من السبعين الذين بايعوا رسول الله ص ليله العقبه. وخرج على رضى الله عنه الى النخيله، وامامه عمار بن ياسر، فأقام بالنخيلة معسكرا، وكتب الى عماله بالقدوم عليه.

ولما انتهى كتابه الى ابن عباس ندب الناس، وخطبهم، وكان أول من تكلم الأحنف بن قيس، ثم قام خالد بن العمر السدوسي، ثم قام عمرو بن مرحوم


[١] موضع بالبادية قرب الكوفه على سمت الشام.

<<  <   >  >>