العبدى، وكلهم أجاب، فخلف على البصره أبا الأسود الديلى، وسار بالناس حتى قدم على على بالنخيلة.
فلما اجتمع الى على قواصيه، وانضمت اليه اطرافه تهيأ للمسير من النخيله، ودعا زياد بن النضر وشريح بن هانئ، فعقد لكل واحد منهما على سته آلاف فارس، وقال: ليسر كل واحد منكما منفردا عن صاحبه، فان جمعتكما حرب، فأنت يا زياد الأمير، واعلما ان مقدمه القوم عيونهم، وعيون المقدمه طلائعهم، فاياكما ان تسأما عن توجيه الطلائع، ولا تسيرا بالكتائب والقبائل من لدن مسير كما الى نزولكما الا بتعبيه وحذر، وإذا نزلتم بعدو او نزل بكم، فليكن معسكركم في اشرف المواضع ليكون ذلك لكم حصنا حصينا، وإذا غشيكم الليل فحفوا عسكركم بالرماح والترسه، وليليهم الرماه، وما اقمتم فكذلك فكونوا، لئلا يصاب منكم غره، واحرسا عسكركما بأنفسكما، ولا تذوقا نوما الا غرارا ومضمضة، وليكن عندي خبركما، فانى ولا شيء الا ما شاء الله حثيث السير في اثركما، ولا تقاتلا حتى تبدا او يأتيكما امرى ان شاء الله.
فلما كان اليوم الثالث من مخرجهما قام في اصحابه خطيبا، فقال: يا ايها الناس، نحن سائرون غدا في آثار مقدمتنا، فإياكم والتخلف، فقد خلفت مالك بن حبيب اليربوعى، وجعلته على الساقه، وامرته الا يدع أحدا الا الحقه بنا فلما اصبح نادى في الناس بالرحيل، وسار، فلما انتهى الى رسوم مدينه بابل، قال لمن كان يسايره من اصحابه: ان هذه مدينه قد خسف بها مرارا، فحركوا خيلكم، وارخوا أعنتها، حتى تجوزوا موضع المدينة، لعلنا ندرك العصر خارجا منها. فحرك، وحركوا دوابهم، فخرج من حد المدينة وقد حضرت الصلاة، فنزل، فصلى بالناس، ثم ركب، وسار حتى انتهى الى دير كعب فجاوزه، واتى ساباط المدائن، فنزل فيه بالناس، وقد هيئت له فيه الأنزال.
فلما اصبح ركب وركب الناس معه، وانهم لثمانون الف رجل، او يزيدون،