فلما تهيأ للمسير أتاه عن الخوارج اخبار فظيعه، من قتلهم عبد الله بن خباب وامراته.
وذلك انهم لقوهما، فقالوا لهما: ارضيتما بالحكمين؟ قالا: نعم. فقتلوهما، وقتلوا أم سنان الصيداويه، واعتراضهم الناس يقتلونهم. فلما بلغه ذلك بعث اليهم الحارث بن مره الفقعسي ليأتيه بخبرهم، فاخذوه، فقتلوه.
فلما بلغ الناس ذلك اجتمعوا الى على، فقالوا: يا امير المؤمنين، اتدع هؤلاء على ضلالتهم وتسير، فيفسدوا في الارض، ويعترضوا الناس بالسيف؟ سر اليهم بالناس، وادعهم الى الرجوع الى الطاعة والجماعه، فان تابوا وقبلوا فان الله يحب التوابين، وان أبوا فاذنهم بالحرب، فإذا ارحت الامه منهم سرت الى الشام.
فنادى في الناس بالرحيل، وسار حتى ورد عليهم نهروان، فعسكر على فرسخ منهم، وارسل اليهم قيس بن سعد بن عباده، وأبا أيوب الأنصاري، فاتياهم، فقالا: عباد الله، انكم قد ارتكبتم امرا عظيما باستعراضكم الناس تقتلونهم، وشهادتكم علينا «بالشرك، والشرك ظلم عَظِيمٌ» .
فأجابهما عبد الله بن السخبر، فقال: إليكما عنا، فان الحق قد أضاء لنا كالصبح، ولسنا بمتابعيكم ولا راجعين إليكم، او تأتوا بمثل عمر بن الخطاب. فقال قيس بن سعد ما نعرفه فينا الا على بن ابى طالب فهل تعرفونه فيكم؟. قالا: لا. قال: فأنشدكم الله في انفسكم ان تهلكوها، فانى ارى الفتنة قد دخلت قلوبكم.
ثم تكلم ابو أيوب بنحو هذا، فقالوا: يا أبا أيوب، انا ان بايعناكم اليوم حكمتم غدا آخر.
قال: فانا ننشدكم الله ان تعجلوا فتنه العام مخافه ما ناتى به في قابل.
قالوا: إليكما عنا، فقد نابذناكم على سواء.
فانصرفا الى على، فأخبراه حتى وقف عليهم بحيث يسمعون كلامه، فنادى: [أيتها العصابة التي أخرجتها اللجاجه، وصدها عن الحق الهوى، فأصبحت