للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتفق رأيهما على توليه محمد العهد، وتصيير عبد الله من بعده، وقسمه الأموال والجنود بينهما، وان يقيم محمد بدار الخلافه، ويتولى المأمون خراسان.

فلما اصبح امر بجميع القواد، فاجتمعوا اليه، فدعاهم الى بيعه محمد، ومن بعده الى بيعه المأمون، فأجابوا الى ذلك، وبايعوا.

وفي سنه ثمانين ومائه [١] عقد الرشيد لعلى بن عيسى بن ماهان على خراسان، وفي ذلك العام خرج الرشيد الى ارض الشام، وأخذ على الموصل، فلما وافاها امر بهدم مدينتها، وقد كانوا وثبوا بعامله.

وفي ذلك العام وثب اهل خراسان بعاملهم، فقتلوه، فأقام بالشام عامه ذلك، ثم خرج حاجا، فلما انصرف قصد الأنبار، فنزل به بمدينه ابى العباس، وهي من الأنبار على نصف فرسخ، وقد كان بقي بها جمع عظيم من أبناء اهل خراسان، توالدوا بها حتى كثروا، فهم الى الان، فأقام بها شهرا، ثم توجه منها الى الرقة [٢] فأقام بها شهرا.

وخرج منها غازيا الى ارض الروم، فافتتح مدينه من مدنهم، تسمى معصوف. ثم انصرف الى الرقة، فأقام بها بقية عامه ذلك.

فلما كان أوان الحج، حج، فقضى نسكه، وجعل منصرفه على الرقة، فأقام بها، وولى يزيد بن مزيد أرمينية، ثم قدم من الرقة سنه اربع وثمانين ومائه حتى وافى مدينه السلام، ونزل قصره بالرصافة [٣] ، وأخذ عماله بالبقايا، ثم سار من مدينه السلام في سنه خمس وثمانين ومائه عائدا الى الرقة، وقد كان استطابها.

فلما كان أوان الحج حج، فمر بالمدينة، فأعطاهم ثلاث اعطيات، واعطى اهل مكة عطاءين، ثم انصرف، فقصد الأنبار، فأقام بها شهرا، ثم انصرف الى مدينه السلام.


[١] سنه ٧٩٦ م.
[٢] مدينه على نهر الفرات كان بها قصران لهشام بن عبد الملك.
[٣] محله بالجانب الشرقى من بغداد، كان المهدى قد عسكر بها، فأمره المنصور ان يبنى فيها دورا، فالتحق بها الناس وعمروها، وفيها قبور جماعه من الخلفاء العباسيين.

<<  <   >  >>