للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم عقد البيعه لابنه القاسم بعد محمد وعبد الله، وولاه الشام، فوجه القاسم عليها عماله.

وحج الرشيد سنه ثمان وثمانين ومائه، وانصرف فنزل الحيرة [١] ، فأقام بها أياما، ثم دخل مدينه السلام.

وفي سنه تسع وثمانين سار الى الري فأقام بها شهرا، ثم انصرف نحو مدينه السلام، فضحى بقصر اللصوص [٢] ، ثم دخل بغداد، ولم ينزلها، ومضى حتى انتهى الى السالحين [٣] ، وهي من مدينه السلام على ثلاثة فراسخ، فبات بها ثم سار عامدا للرقه حتى وافاها، وامر عند ممره ببغداد بخشبه جعفر بن يحيى ان تحرق، واقام بالرقة بقية ذلك العام.

فلما دخلت سنه تسعين ومائه خرج غازيا لارض الروم حتى اوغل فيها وانتهى الى هرقله [٤] ، فافتتحها.

وفي ذلك العام خرج رافع بن نصر بن سيار مغاضبا بأرض خراسان، وكان سبب خروجه ان على بن عيسى بن ماهان لما ولى خراسان أساء السيرة، وتحامل على من كان بها من العرب، واظهر الجور، فخرج عليه رافع، فواقعه وقعات، ثم انحاز فيمن اتبعه من اهل خراسان، وكانوا زهاء ثلاثين الف رجل في سمرقند، واقام بمدينتها.

وبلغ ذلك الرشيد، فعزل على بن عيسى عنها، واستعمل عليها هرثمة بن اعين. ثم انصرف الرشيد قافلا من الروم حتى نزل بمدينه السلام عامه ذلك، واستخلف ابنه محمدا على دار المملكة، وخرج عامدا لارض خراسان ليتولى حرب رافع بنفسه. ودخلت سنه اثنتين وتسعين ومائه وفيها خرجت الخرمية [٥] بأرض الجبل


[١] مدينه كانت على ثلاثة اميال من الكوفه على النجف، وكانت مسكن ملوك العرب في الجاهلية، النعمان وآباؤه، وسموها بالحيرة البيضاء لحسنها.
[٢] سمى بذلك لان جيشا من المسلمين نزلوا به، فسرقت دوابهم.
[٣] قريه من نهر عيسى ببغداد، وهي السيلحين التي بات بها المثنى بن حارثة وصبح، فاغار على سوق بغداد.
[٤] مدينه ببلاد الروم، قرب صفين فتحها الرشيد وسبى أهلها وقد خربت، ولم يبق منها آثار عماره.
[٥] طائفه تنسب الى بابك الخرمى، وتدين بما تدين الباطنية اولاد المجوس الذين تأولوا آيات القرآن وسنن النبي على موافقه أصواتهم.

<<  <   >  >>