للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك أن الله تعالى عز وجل يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف:٥٥]، وذلك أن الله تعالى ذكر عبدًا صالحًا، ورضي قوله، فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم:٣] (١).

وكان حسان بن أبي سنان يحضر مجلس مالك بن دينار، فإذا تكلم مالك بكى حسان حتى يبل ما بين يديه، لا يُسمع له صوت (٢).

وعن القاسم بن محمد قال: كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيرًا ما كان يخطر ببالي، فاقول في نفسي: "بأي شيء فُضِّل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة: إن كان يصلي إنا لنصلي، وإن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو فإنا لنغزو، وإن كان يحج إنا لنحج؟!

قال: فكنا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت، إذ طفئ السراج، فقام بعضنا فأخذ السراج، وخرج يستصبح، فمكث هنيهة ثم جاء بالسراج، فنظرت إلى وجه


(١) "الزهد والرقائق" لابن المبارك رقم (١٤٠).
(٢) "صفة الصفوة" (٣/ ٣٣٩).

<<  <   >  >>