قوله: في خطاب الوضع، كالحكم على الوصف بالسببية الوقتية، كالزوال. قال الحافظ في الموافقة خ ل٩ آ: كأنه يشير إلى حديث خباب بن الأرتّ ... وساق حديثه بإسناده. "قلت": لم يذكر هذا الحافظ ابن كثير في كتابه. وحديث خباب -رضي الله عنه- أخرجه الإمام مسلم: في كتاب الصلاة، باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحرة. حديث "١٨٩" ولفظه عنه قال: "شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصلاة في الرمضاء، فلم يشكنا" وفي الحديث رقم "١٩٠" ١/ ٤٣٣. وأخرجه النسائي: في كتاب الصلاة، باب وقت صلاة الظهر. حديث "٦٧٥" ١/ ٢٢٢. وأخرجه الإمام أحمد: ٥/ ١٠٨، ١١٠. توضيح: الرمضاء: الأرض الشديدة الحرارة. والرمض, محركة: شدة وقع الشمس على الأرض. انظر مادة "رمض" في القاموس ٢/ ٣٤٤. فلم يشكنا -وهي بضم الياء وسكون المثلثة وكسر الكاف- أي: لم يزل شكواهم. يقال: أشكيت الرجل؛ إذا أزلت شكواه. انظر مادة "شكا" في النهاية ٢/ ٤٩٧. وقد شكا الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يجدونه من الرمضاء، وسألوه أن يؤخّر صلاة الظهر، فلم يجبهم إلى ذلك. وقد اختلف العلماء -عليهم رحمة الله- هل التقديم في صلاة الظهر أفضل من تأخيرها، أم الإبراد فيها؟ فقال بعضهم: الإبراد رخصة، والتقديم أفضل، واعتمدوا حديث خباب, وحملوا حديث الإبراد الذي أخرجه الإمام مسلم في الصلاة "١/ ٤٣٠" حديث رقم "١٨٠" عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا اشتد الحر أبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم" وكذلك الأحاديث الصحيحة الأخرى في الباب، حملوها على الترخيص والتخفيف في التأخير, وبهذا قال بعض الشافعية وغيرهم. قال النووي: والصحيح استحباب الإبراد، وبه قال جمهور العلماء، وهو المنصوص عن الشافعي, رحمه الله تعالى. وبه قال جمهور الصحابة؛ لكثرة الأحاديث الصحيحة فيه المشتملة على فعله -صلى الله عليه وسلم- والأمر به في مواطن كثيرة، ومن جهة جماعة من الصحابة, رضي الله عنهم. ا. هـ. وللجمع بين حديث خباب، وحديث الإبراد، قالوا: إن حديث خباب محمول على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا على قدر الإبراد؛ لأن الإبراد يؤخر بحيث يحصل للحيطان فيء يمشون فيه, ويتناقص الحر. =