للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجلالة" فاعلًا، ونصب "العلماء" مفعولًا، وعزو هذه القراءة إلى عمر بن عبد العزيز, وحكايتها عن الإمام أبي حنيفة لم يدفعا عنها حكم الشذوذ١.

ولولا الترف العلمي الذي أغرى العلماء بتوجيه القراءات الشاذة لتكون -بزعمهم- عونًا على صحة التأويل٢، لما تجشم بعضهم عناء تفسير الخشية هنا بمعنى الإجلال والتعظيم لا الخوف، فكأن هذه القراءة الشاذة بيَّنَت أن الغرض من تخصيص العلماء بالخشية إظهار مكانتهم ودرجتهم عند الله٣، وهذا من أعجب ما يجرؤ على قوله عبيد الله في حق الله!

وَلْنُلَاحِظْ في الآية السابقة أن الوقف بالسكون على آخر "العلماء" اختياري لا شيء يمنعه، أما نصب اسم الجلالة فلازم لا يجوز فيه الوقف العارض؛ إذ لا يتم المعنى بدون حركة النصب, وإن اللبس فيه ليمكن قبل التحريك؛ يناظره في هذا جميع التراكيب المجردة من ظاهرة الإعراب؛ وإذا حُرِّكَ لفظ واحد من تركيب الآية بحركةٍ لم يخف على أحد أن السكون في آخر كلمة من هذا التركيب ليس إلّا عارضًا بسبب الوقف.

وهذا السكون العارض يبدو أكثر وضوحًا في الفواصل القرآنية المرفوعة والمخفوضة، وما أكثر أمثلتها في القرآن, وقد يوقع في اللبس في الآيات التي تترجح فواصلها بين الرفع والخفض، كقوله تعالى:


١ قارن بتفسير القرطبي ١٤/ ٣٤٤.
٢ البرهان في علوم القرآن للزركشي ١/ ٣٤١, وارجع إلى "مباحث في علوم القرآن" للمؤلف ص٢٥٢/ط٥.
٣ البرهان ١/ ٣٤١.

<<  <   >  >>