للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتلاوة القرآن كله غير معرب، مثلما تحض على قراءته كله أو بعضه بإعراب؛ كالحديث الضعيف الذي نسبوه إلى النبي -عليه السلام: "من قرأ القرآن فلم يعربه وُكِّلَ به ملكٌ يكتب له كما أنزل بكل حرف عشر حسنات، فإن أعرب بعضه ولم يعرب بعضه وُكِّلَ به ملكان يكتبان له بكر حرف عشرين حسنة, فإن أعربه كله وُكِّلَ به أربعة أملاك يكتبون له بكل حرف سبعين حسنة"١.

وكان على المنخدعين بمثل هذا الحديث أن يدركوا أنه لو كان الإعراب هنا إعراب النحو لما ساغ قط أن يتسامح النبي العربي بأمره، فيذكر ثوابًا معينًا لمن قرأ القرآن فلم يعربه، أو أعرب بعضه دون بعض؛ لأن في ترك الإعراب كله فسادًا أيّ فساد، أما التزام بعضه وإهمال بعضه فما أشد نبوته عن الفصاحة، وما أشد جفوته للنغم المرتل في القرآن!


١ راجع مخطوطة "الإيضاح في الوقف والابتداء" لابن الأنباي، ورقة ٣ وجه ٢ "الظاهرية قراءات ٣٦". وابن الأنباري يروي الحديث عن أبيه أنه قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم قال: حدثنا آدم -يعنى ابن أبي إياس- قال: حدثنا أبو الطيب المروزي قال: حدثنا عبد العزيز ابن أبي رواد, عن نافع, عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "الحديث ... " وقارن بتفسير القرطبي ١/ ٢٣ "باب ما جاء في إعراب القرآن وتعليمه والحث عليه, وثواب من قرأ القرآن معربًا".
وقد وَثَّقَ المحدثون بعض رجال الإسناد. انظر ترجمة إبراهيم بن الهيثم البلوي في "لسان الميزان ١/ ١٢٣"، وترجمة آدم بن أبي إياس في "تهذيب التهذيب ١/ ١٦٩"، وترجمة عبد العزيز بن أبي رواد في "التهذيب ٦/ ٣٣٨". أما نافع وابن عمر فأشهر من أن يعرف بهما أو يترجم لهما. والحديث -مع ذلك- ضعيف، فإن آفته أبو الطيب المروزي -المعروف أيضًا بالحربي- فقد قال فيه أبو أحمد الحاكم في "الأسامي والكنى ورقة ٢٧١ مخطوطة المكتبة الظاهرية مصطلح الحديث "١٣٨، ٩٠٣٨": "ليس حديثه بالقائم"، وقال ابن حبان: "روى عن عبد العزيز بن أبي رواد الأعاجيب, لا يجوز الاحتجاج به", وقال ابن معين: أبو الطيب الحربي سمع من معمر: كذّاب خبيث، وروى عباس الدوري عن ابن معين قال: "كان أبو الطيب من الأنبار, وكان في الحديث كذابًا". ميزان الاعتدال ٣/ ٣٦٦, ولسان الميزان ٦/ ٣٩٩.

<<  <   >  >>