للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يكن هذا بالغريب أيضًا على بعض المتقدمين من لغويي العرب, فإنهم كانوا يفتتحون المادة الثلاثية بالمضعفات منها، كأنَّ تكرار الحرف لا يخرج الصيغة عن أصلها الثنائي, ونرى ذلك أوضح ما يكون وأصرحه في "جمهرة اللغة" لابن دريد، وفي "المقاييس" لابن فارس.

فأما ابن دُرَيْد, فقد أخذ بيد الناظر في كتابه إذا آثر التماس حرف ثنائي، فأرشده إلى البدء بالهمزة والباء إن كان الثاني باء ثقلية "مضعفة", أو الهمزة والتاء، وكذلك سائر الحروف١.

وعلل ابن دريد منهجه هذا بما جاء في الكتاب٢, وفي السمع على لفظ الثنائي وهو ثلاثي؛ لأنه على ثلاثة أحرف، أوسطه ساكن، وعينه ولامه حرفان مثلان، فأدغموا الساكن في المتحرك فصارا حرفًا ثقيلًا٣.

ثم يطبق صاحب الجمهرة منهجه هذا على المواد التي يفسرها، فيفتتح باب الثنائي الصحيح بمادة "أب ب"٤، ويتبعها بـ"أت ت" ثم "أث ث" ثم "أج ج"٥، وهكذا إلى آخر المواد المستعملة في المعجم العربي مبدوءة بالهمزة، فيقف عند مادة "أي ي"٦؛ ثم ينتقل إلى "باب الباء وما يتصل بها من الحروف في الثنائي الصحيح"، فيبدأ بمادة "ب ت ت"٧، ويختم البا بـ"ب ي ي"٨، وكذلك يفعل بالتاء والثاء والجيم إلى آخر المعجم، وفي هذا كله يشير إلى الصور


١ مقدمة الجمهرة ص٣.
٢ الكتاب هنا مصدر بمعنى الكتابة.
٣ مقدمة الجمهرة ١٣.
٤ الجمهرة ١/ ١٣.
٥ نفسه ١/ ١٤.
٦ نفسه ١/ ٢٢.
٧ نفسه ١/ ٢٢ أيضًا.
٨ نفسه ١/ ٣٨.

<<  <   >  >>