للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعكوسة والألفاظ المماتة أو المهملة.

وأما ابن فارس فيستهل "مقاييسه" في أول كتاب الهمزة بقوله:

"باب الهمزةن في الذي يقال له المضاعف"١، فيبدأ بـ"أبّ" ويذكر أن للهمزة والباء في المضاعف أصلين، أحدهما المرعى، والآخر القصد والتهيؤ, ثم يتبع هذه المادة بالمستعملات من المضعَّفَات بعدها, نحو: "أتَّ"٢، "أثَّ"، "أجَّ"٣، "أحَّ"٤، "أخَّ"٥، إلى آخر الهجاء العربي، مما يراجع في موضعه.

وإذا كان الثلاثي المضعف -في الأمثلة التي ذكرها ابن دريد وابن فارس وأمثالهما- صورة ثنائية غير صريحة ولا مباشرة، فإن من الممكن أحيانًا أن نرد الثلاثي إلى أصل ثنائي صريح "متحرك فساكن" في حكاية بعض الأصوات الطبيعية٦ -وهي قليلة محفوظة مثل: طَقْ، دَقْ، لَبْ- فمنها: طرق ودلق ولزب، وهي تخلو من التضعيف في آخرها، كما تخلو من حروف اللين٧ في وسطها، ونرى مع ذلك أن حروف اللين -لضعفها- لو وجدت فيه لا تخرجها عن ثنائيتها مثل "غاق" وشيب وعيط"٨.


١ المقاييس ١/ ٦.
٢ نفسه ١/ ٧.
٣ نفسه ١/ ٨.
٤ نفسه ١/ ٩.
٥ نفسه ١/ ١٠.
٦ لكن رد الثلاثي المضعف إلى أصل ثنائي صريح يحكي صوتًا طبيعيًّا، ليس يقاس عليه لدى أكثر العلماء؛ لأن حكايات الأصوات ليست أصولًا, والقياس لا يكون إلّا في الأصول. المقاييس ١/ ٣٦٢-٣٣, وقارن بما ذكره هناك حول أه وآء.
٧ سنرى أن أحرف اللين هي الألف الساكنة ما قبلها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسورة ما قبلها, وتسمى أيضًا أحرف مد، وجوفية، وهوائية.
٨ الاشتقاق "لعبد الله أمين" ١٢٨, ولفظ "غاق" حكاية صوت الغراب، وشيب: حكاية صوت مشافر الإبل عند الشرب, وعيط من العطعطة: وهي تتابع الأصوات واختلاطها في الحرب.

<<  <   >  >>