للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويناظر حروف اللين في الضعف أحرف العلة الثلاثة: الألف والواو والياء، فتذييلها آخر الكلمة لا يخرجها عن ثنائيتها.

لذلك جرى أصحاب المعاجم على إفراد باب خاصٍّ للمواد المعتلة، يؤخرونه إطلاقًا؛ كما فعل ابن منظور في "اللسان", والفيروزابادي في "القاموس المحيط"، أو يرجئون ذكره إلى آخر كل بابٍ على حدةٍ قبل الانتقال إلى باب جديد، فلا يوردون المواد المعتلة إلّا بعد سردهم جميع المواد السالمة الصحيحة, كما فعل بعض المعجميين الاشتقاقين.

وقد انفرد ابن دريد، من بين أولئك الاشتقاقيين بمزية هامة حقًّا، حين لم يكتف بإتباع الصحيح بالمعتل، بل حرص على إتمام القول في الثنائي المعجمي صحيحًا ومعتلًّا قبل أن ينتقل إلى الثلاثي، فإذا ختم باب الثنائي الصحيح فاجأنا بباب "الثنائي المعتل وما تشعب منه"١، كأن الثنائية المعجمية لديه أمر قطعي صريح لا يقبل الجدل، وكأنه ما يزال يستأنس بذلك على صحة هذا المذهب وسلامة النظرة إليه.

ولعل نظائر هذه الاعتبارات هي التي حملت الأستاذ عبد الله العلايلي على أن يرد إلى المعلَّات أكثر الثنائيات، وأن يفسر نشأة الثلاثي من الثنائي بوساطة تلك المعلَّات، حتى دعا إلى اتخاذ هذه المعلَّات المحفوظة في المعاجم المختلفة عُدَّةَ الدارس لفهم الثلاثي على وجهه؛ لأنه الأصل التاريخي الذي انفصل عنه.

والنتيجة التي انتهى إليها العلايلي تتخلص في أن مطلق الثلاثي نشأ عن الثنائي على هذه الصورة التي عليها المعلًّات بزيادة حرف من الهجاء


١ جمهرة اللغة ١٦٩, وابن دريد يبدأ الباب هنا بالباء والهمزة والحرف المعتل "ب أوي"، ومراده من ذلك "ب أو" للمعتل بالواو، و"ب أي" للمعتل بالياء, ويتبعه -على الطريقة نفسها- بمادة "ج أو", "ج أي" ١/ ١٧١, ثم "ح أو"، "ح أي"، وهكذا حتى تنتهي المستعملات من معلَّات المعجم العربي عند المادة "هـ أو"، "هـ أي" ١/ ١٩٢, ومنها ينتقل ابن دريد إلى أبواب الثلاثي الصحيح وما تشعب منه ١/ ١٩٣.

<<  <   >  >>