للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غالبًا من يكون حشوًا في وسط الكملة١.

ولكنه وقع في تكلف عجيب حين أخذ في تطبيق رأيه على بعض الأمثلة؛ فجعل "عبل" مأخوذة من "علا" المعتلة، أو أصلها "عل"، أما الباء فهي عين الكلمة مكنوفةً بالفاء واللام، كأنهما سياج لها، فسلمت من الحذف مع أنها هي الحرف المحشوّ المزيد، وبُذِلَ الحرف المعتل للعوارض حتى حذف، فكأن حرف الباء المزيد الصحيح المحشو تعويض عن حرف العلة الساقط المحذوف٢.

ولو أسقطنا حرف الباء المزيد -قياسًا على سقوط الحرف المعتل- لظهرت لنا الكلمة الثلاثية على صورتها الثنائية الحقيقة، فإذا هي "عل" فقط. فأيّ جامع يجمعها بعد هذا بهاتين المادتين "عبث وعبد" وما أشبههما من المواد التي تتوسطها الباء؟

إن "عبث" تعود حينئذ إلى "عث" وصورتها "عثا", أما "عبد" فتعود إلى "عد" وصورتها المعتلة "عدا".

وإنما رمينا هذه النظرية بالتكلف؛ لأن تطبيقها العملي لا يتم -كما رأيت في المثال- إلّا بتجريد حرف الوسط، ثم تناول المادة ومعها المعلات التي وقع فيها الحرفان على ترتيبهما، مع أن تجريد مادة ما من حرف الوسط إنما يكون بمنزلة الحذف والإسقاط لذلك الحرف المحشو! فكيف يسلخ من بنية المادة جزء لا يتجزأ منها، ثم تظل هذه المادة معبرة -دونه- عن غرضها تعبيرًا دقيقًا كاملًا؟!


١ مقدمة لدراسة لغة العرب ٢٠٠-٢٠٣.
٢ توضيحًا للمقام، وزيادة في البيان، آثرنا هنا تخليص رأي العلايلي بعبارات صريحة, استعرنا أكثرها من ابن جني لدى بحثه تكرير العين في الكلمة، فقد خصوا بذلك العين لأنها أقوى من الفاء واللام، "وذلك لأنها واسطة لهما ومكنوفة بهما، فصارا كأنهما سياج لها, ومبذولان للعوارض دونها، ولذلك تجد الإعلال بالحذف فيهما دونهما" الخصائص ١/ ٥٤٧, وقارن بالمزهر ١/ ٤٩-٥٠.

<<  <   >  >>