للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- ومنه "البُرْج" لقوته في نفسه وقوة ما يليه به، وكذلك "البَرَج" لنقاء بياض العين، وصفاء سوادها١ هو قوة أمرها، وأنه ليس بلون مستضعف.

هـ- ومنها "رجبت الرجل" إذا عظمته وقويت أمره, ومنه "رَجَب" لتعيظيمهم إياه عن القتال فيه؛ وإذا كرمت النخلة على أهلها فمالت دعَّمُوها بـ"الرجبة"، وهو شيء تسند إليه لتقوى به٢.

و"الراجبة" أحد فصوص الأصابع، وهي مقوية.

و ومنها "الرباجيّ" وهو الرجل يفخر بأكثر من فعله, قال: وتلقها رِبَاجيًّا فخورًا٣.

تأويله: أنه يعظِّمُ نفسه ويقوي أمره!

إن النظرة الأولى إلى صنيع ابن جني في هذه التقاليب لا تخطئ التكلف البعيد وقع فيه، وهو يلتمس الطريق نحو الرابط السحري العجيب الذي يَرُدُّ هذه التقاليب جميعًا إلى أصل واحد، وإمام منقاد، ولكن الرابط الذي اهتدى إليه ابن جني ليس عامًّا وحسب، بل هو شديد العموم؛ وبلغت شدة عمومه حَدَّ الإبهام والغموض، فهل ترى أعجب من أن تفسر هذه التقاليب كلها، وجميع الصور المتفرعة عنها، رغم ما لكلٍّ منها من مفهوم دقيقٍ وإيحاء خاصٍّ، بهاتين الكلمتين العامتين الموغلتين في العموم: "القوة والشدة؟ وهما كلمتان مبتذلتان من


١ قارن بمعنى "البرج" في الجمهرة.
٢ قارن هذه العبارة بما ذكره ابن دريد آنفًا عن "الرجبة".
٣ وهنا لا يجد إلّا اللفظ الذي كره ابن دريد، ويفسره كما فسره، ويأتي عليه بالشاهد نفسه، إلّا أنه يورده "فخورًا" من الفخر، وهي إحدى روايتي الجمهرة, والصواب: فجورًا من الفجور وهو الكذب؛ لأنه على الأثر: "فعول من الكذب". وقد يكون في مطبوعة "الخصائص" تصحيف.

<<  <   >  >>