جنسة أو شيء يشبه هذا النبات حتى يتم تصور الجرب, مع أن فكرة النبات هنا ليست من الوضوح بحيث تؤدي ما تؤديه فكرة الحكّ والتحكك مثلًا في الجُرْب من الإبل والناس.
وإنك لتجد ابن فارس "كالذي يحاول إقناع نفسه بصلاح هذا الأصل للإيحاء بمفهوم "الجرب" حين يطير على جناح التشبيه من وصف الناقة بالجرباء إلى وصف السماء بالجرباء، فيقول: "ومما يحمل على هذا تشبيهًا تسميتهم السماء جبرباء، شبهت كواكبها بجرَب الأجراب" ويستشهد على هذا بقول أسامة بن الحارث:
أرته من الجرباء في كل منظر ... طبابًا، فمثواه النهار المراكد١
وإذا لم يزد ابن فارس هنا على أن تكلف فأسرف، فلم يزد ابن جني على أن هرب فولى، فما عسى أن يقول في الجرب؟ وأيّ علاقة له بالقوة والشدة؟ وهل كان لأحد أن يستنبط من ضعف الداء قوة، ومن وهن المرض شدة؟!
ترى، أمل يك ممكنًا أن يسلك ابن جني تقليب "ج ر ب" في باب التضاد الذي هو ضرب من المشترك، فيكون في الرجل المجرب معنى القوة، وفي الرجل الأجرب معنى الضعف؟
لا نستبعد أن يكون شيء من هذا دار في خلده، ولكن له الحق كل الحق إذا صرفه عنه ولم يأنس به، فإن فكرته التي نادى بها في "الاشتقاق الكبير" تملي عليه أن يستنبط بين التقاليب الستة كلها، أو بين صورها المستعملة على الأقل، جامعًا مشتركًا واضحًا صريحًا, وآية
١ ويذكر ابن فارس هنا الجربة بمعنى القراح، ويرى أن ذلك هو القياس؛ لأنه شيء بسيط يعلوه ما يعلوه منه.