المعنوية المشتركة، سواء أحتفظت بأصواتها نفسها أم استعاضت عن هذه الأصوات أو بعضها بحروف أخر تقارب مخرجها الصوتي, أو تتحد معها في جميع الصفات.
من ذلك تناوب اللام والراء في هديل الحمام وهديره، والقاف والكاف في كشط الجلد وقشطته، والباء والميم في كبحت الفرس وكمحته.. وهذه الأمثلة كلها في تقارب المخرج الصوتي.
ومن الأمثلة على الاتفاق في الصفات: تناوب الصاد والسين في سقر وصقر، وسراط وصراط، وساطع، وصاطع، ومسقع ومصقع، وهكذا.
وابن جني قد أورد في باب "تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني" كثيرًا من الأمثلة المتلعقة بهذا الضرب من الاشتقاق, وقال فيه:"وهذا باب واسع، من ذلك قوله الله سبحانه:{أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} أي: تزعجهم وتقلقهم، فهذا في معنى تهزهم هزًّا، والهمزة أخت الهاء, فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين، وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء، وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز؛ لأنك قد تهزّ ما لا بال له؛ كالجذع وساق الشجرة ونحو ذلك، ومنه العسف والأسف، والعين أخت الهمزة؛ فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين, ومنه القَرْمة وهي الفقرة تُحز على أنف البعير، وقريب منه قلمت أظفاري؛ لأن هذا انتقاص للظفر، وذلك انتقاص للجلد، فالراء أخت اللام، والعملان متقاربان، وعليه قالوا فيه الجَرْفَة وهي من "ج ر ف", وقريب منه الجَنَفَ وهو الميل، وإذا جلفت الشيء أو جرفته, فقد أملته عما كان عليه، وهذا من "ج ن ف"١.