عن الترادف تارةً، والاشتراك تارةً أخرى, ومن العجيب أن ابن السكيت مثلًا في "القلب والإبدال" لم يذكر في الثلاث مئة كلمة التي اشتملت عليها رسالته إلّا القليل مما يكمن أن يُفَسَّر بظاهرة الإبدال تفسيرًا صريحًا، وسائر ما استشهد به بعد ذلك لم يختلف لفظه إلّا في حرف واحد، كالنون واللام في "التهتان" و"التهتال" وكلاهما يعين سقوط المطر.
أما المحدثون فلهم في هذا الاشتقاق الأكبر رأي جريء يردّون في ضوئه أكثر صور الإبدال إلى ضرب من التطور الصوتي الذي يدخل أحيانًا في اختلاف اللهجات, قال الدكتور إبراهيم أنيس:"حين نستعرض تلك الكلمات التي فسرت على أنها من الإبدال حينًا، أو من تباين اللهجات حينًا آخر، لا نشك لحظة في أنها جميعًا نتيجة التطور الصوتي، أي: أن الكلمة ذات المعنى الواحد حين تروي لها المعاجم صورتين أو نطقين، ويكون الاختلاف بين الصورتين لا يجاوز حرفًا من حروفها, نستطيع أن نفسِّرَها على أن إحدى الصورتين هي الأصل, والأخرى فرع لها أو تطور عنها, غير أنه في كل حالة يشترط أن نلحظ العلاقة الصوتية بين الحرفين المبدل والمبدل منه"١.
ورأي المحدثين -على جراءته- أسلم اتجاهًا، وأصحُّ نتيجة، من رأي تلك الطائفة من المتقدمين الذين ذهبوا إلى إكثار العرب من الإبدال كأنه سنة أو عادة، وكأن النطقين المختلفين عندهم متساويان يوضع أحدهما مكان الآخر، وكأنهم يتعمدون هذا الإبدال إعجابًا به، وتفننا فيه.
على أننا لم نعدم بين المتقدمين من كان يرد كثيرًا من صور الإبدال إلى اختلاف اللهجات، مؤكدًا أن العرب لا تتعمد تعويض حرف من