للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن قليلًا من الترتيب المنطقي لهذه النماذج التي أيد بها ابن فارس مذهبه في النحت، ليرسم لنا في خطوط بيانية دقيقة جميع الصور المنحوتة: فعلية واسمية ووصفية١؛ ويومئ إلى الحرف المعبر الموحي الذي رمز به إلى المادة المختزلة ثم ألصق بالمادة المزيد عليها، سواء أبقيت على حالها بجميع أحرفها، أم اختزلت هي الأخرى قليلًا أو كثيرًا.

فمن الأفعال المنحوتة تصديرًا بزيادة حرف معبر في أولها "بحظل الرجل بحظلة" قفز قفزان اليربوع. فالباء زيادئة على "حظل"، قال الخليل: الحاظل الذي يمشي في شقه. يقال: مر بنا يحظل ظالعًا٢.

ومن ذلك "بَلْذَم": إذا فرق فسكت٣ والباء زائدة، وإنما هو لذم، إذا لزم بمكانه فرقًا لا يتحرك٤.

ومن ذلك "بركل يبركل بركلة": إذا مشى في الماء والطين٥. فالباء زائدة "ب + ركل"، والتركل معروف، وهو ضرب الرجل


١ وهي التي تعنينا؛ لما فيها من مراءاة معنى الاشتقاق والقياس بوساطة النحت، أما صورة النحت النسبي كعبدري وعبشمي وما أشبه هذا فقد علمنا أنها سماعية لا نورد منها إلا المحفوظ عن العرب.
٢ المقاييس ١/ ٣٣٢.
٣ بلذم وبلدم: بالذال والدال كما في المجمل ١/ ٩٥. إلا أن ابن فارس في "المجمل" لا يصرح بأن مثل هذا اللفظ منحوت، بل يدرجه في باب "ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله باء". ويسلك في هذا الباب نفسه أمثلة من الرباعي الذي وضع وضعًا، كأنه لم يكن حينئذ يفكر بإثبات النحت ولا سلبه؛ من ذالك أنه ذكر في هذا الباب البهصلة: المرأة القصيرة، وحمار بهصل: قصير، والبخنق: خرقة توقي بها المرأة الخمار من الدهن على الرأس، ورجل بلعث: سيئ الخلق ... إلخ "المجمل ١/ ٩٤". وهذه الألفاظ نفسها نفى ابن فارس القول فيها بالنحت في "المقاييس ١/ ٣٣٥" وسلكها في باب "الرباعي الذي وضع وضعًا".
٤ المقاييس ١/ ٣٣٣.
٥ قارن المجمل ١/ ٩٥ بالجمهرة ٣/ ٣٠٩.

<<  <   >  >>