للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما البُرْجُد "وهو اسم للكساء المخطط" فإنما اختيرت لنحته الجيم المتوسطة في "البجاد" حشوًا لكلمة "برد"١.

وأمثلة النحت الأخرى التي بثها ابن فارس في بعض مواد "مقاييسه" وذكر بعضها في "الصاحبي"، ليست إلا براهين جديدة تؤيد ما لمحه في الحرف العربي من قيمة تعبيرية "تعويضية" أعني أنها تعوض المادة المختزلة المنحوتة. فالعين من "صعب" ألفت وصف "الصقعب" للطويل من الرجال٢، عندما أضيفت إلى "الصقب" بمعنى الطويل؛ على طريقة الحشو والإقحام٣. والراء من "ضبر" أنشأت وصف "الضِّبَطْر" للرجل الشديد. حين ألحقت بـ"ضبط" على سبيل الكسع والتذييل٤. ومثلها الميم في "لقم" كونت وصف "الصلقم" للشديد العض، لدى إلصاقها بـ"صلق" على أسلوب الكسع والتذييل أيضًا٥.

وما يصدق على باب الرباعي المنحوت الذي أوله باء، "من أن الباء ليست فيه دائمًا الحرف "التعويضي" المعبر" يصدق كذلك على سائر الأبواب التي ختم بها ابن فارس أبحاث كل حرف من حروف المعجم على ترتيبها الهجائي، تبعًا للمنهج الذي رسمه لنفسه وبنى عليه


١ البجاد هو الكساء، والبرد معروف. "قارن المجمل ١/ ٩٤ بالمقاييس ١/ ٣٣٠".
٢ قارن بمختصر تهذيب الألفاظ "لابن السكيت" ص١٤٨ "الباب ٣٩- باب الطول".
٣ وعبارة ابن فارس في "المقاييس ٣/ ٣٥٢": "الصقعب: الطويل من الرجال. فهذا منحوت من كلمتين: ممن صقب وصعب. أما الصقب فطويل، والصعب من الصعوبة". ولكن ابن فارس نفسه في مادة "صقب" يرى أن الصاد والقاف والباء لا يكاد يكون أصلًا، ويفسر الصقب -مع ذلك- بالقرب تارة وبالعمود تارة أخرى "المقاييس ٣/ ٢٩٦".
٤ الصاحبي ٢٢٧. وقارن بما ذكرناه ٢٤٤.
٥ أما أخذها من "لقم" فلأن الصلقم يجعل الشيء كاللقمة، وأما "الصلق" فمشتق من الأنياب الصلقات "قارن بالمقاييس ٣/ ٣٥٠".

<<  <   >  >>