للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"مقاييسه". فإذا قال مثلًا: "باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله تاء"١ احتمل أن يكون الحرف التعويضي المزيد -فيما ذكره من الأمثلة- التاء وغير التاء، فلا شيء يعين حينئذ التاء دون سواها، وإن يقل: "على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ثاء، أو جيم، أو حاء"٢ يحتمل غير الثاء، وغير الجيم، وغير الحاء، وهكذا حتى تنتهي حروف المعجم.

وما زال بنا هذا البحث يستهوينا حتى أغرانا بدراسة "المقاييس" دراسة إحصائية دقيقة، فاستخرجنا من أبواب مزيدات الثلاثي وحدها أكثر من ثلاثمائة كلمة منحوتة بين فعل وصفة، وهي جميعًا مما صرح ابن فارس بنحته بعبارة قاطعة، وكان لزامًا علينا أن نهمل في إحصائنا ما تردد فيه، ولقد تردد في كثير تواضعًا منه وحذرًا من أن يقول في لغة القرآن ما لا يعلم.

ولم يكن بد من أن يتردد صاحب "المقاييس" في بعض تلك المواد المزيدة؛ لأنه يعلم أن ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف لم يرد على صورة واحدة، بل تعددت أشكاله وضروبه؛ "فمنه ما نحت من كلمتين صحيحتي المعنى مطردتي القياس، ومنه ما أصله كلمة واحدة، وقد أحلق بالرباعي والخماسي بزيادة تدخله٣. ومنه ما يوضع


١ تجد هذا الباب في المقاييس "١/ ٣٦٤". ولم يذكر فيه ابن فارس سوى ثلاث كلمات منحوتة.
٢ وقد أصبحت هذه العبارة "تقليدية" في المقاييس، يختم بها ابن فارس أبواب كل حرف من حروف الهجاء. ولم تتخلف مرة واحدة في معجمه، ولو اضطر في بعضها إلى الاكتفاء بالعنوان فقط كما في "باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ميم" المقاييس ٥/ ٣٥٢، أو إلى الاكتفاء بقوله: "لم نجد إلى وقتنا شيئًا" كما في الذي أوله طاء "٣/ ٤٧٦" أو إلى إظهار ندرته كما في الذي أوله ذال "٣/ ٢٧٣".
٣ يقصد هنا الزيادة الصرفية القياسية، فلا وجه لالتباسها بما عددناه نحتًا من مثل الزرقم والصهصلق؛ لأنها زيادة لغوية سماعية، وابن فارس يريد -كما أوضحنا- أن يجعلها قياسية منحوتة من كلمتين مطردتي القياس، تبعًا لمذهبه في الاشتقاق والنحت.

<<  <   >  >>