للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فزت" بالتاء ظاهرة مدهشة تستحق الاهتمام، لأن تميمًا قد استعاضت بحرف مجهور هو الدال عن حرف مهموس هو التاء، بسبب التجاور الصوتي بين الحرفين، فكلاهما حرف نطعي؛ وشبيه بذلك قول التميميين: "وَدَّ" بدلًا من "وَتِد" فسكنوا التاء وأدغموها في الدال أيضًا؛ لأنهما من مخرج واحد٢.

كان طبيعيًّا إذن أن ينتهي ابنج جني إلى أن عملية الإدغام ليست أكثر من "تقريب صوت من صوت"٣، وأن يلاحظ في لمتقاربين ضرورة التقائهما "على الأحكام التي يسوغ معها الإدغام، فيقلب أحدهما إلى لفظ صاحبه فتدغمه فيه، وذلك مثل: وَدَّ في اللغة التميمية، وامَّحى, وامَّاز, واصَّبر, واثاقل عنه، والمعنى الجامع لهذا كله تقريب الصوت من الصوت! "٤.

وطريقة معالجة تميم لبعض الأفعال والأسماء والحروف والصيغ تختلف اختلافًا واضحًا عن طريقة قريش.

أ- فإذا فتحت قريش عين الفعل الماضي فقالت: زَهَد، حَقَد، كسرتها تميم غالبًا, فآثرت أن تقول: زَهِدَ، حَقِدَ٥. وإذا ضمت قريش عين المضارع فقالت: يَفْرُغُ فرُوغًا, إذا بتميم تفتحها وتقول: يَفْرَغُ فراغًا٦، ويلاحظ هنا أن مصدري الفعلين قد اختلفا باختلاف


١ المخصص ١٣/ ٢٧٠.
٢ الخصائص ١/ ٥٣٢.
٣ نفسه ١/ ٥٣١.
٤ نفسه ١/ ٥٣٢.
٥ المزهر ٢/ ٢٧٦, ولكن الأمر على العكس في ماضي عرض، فعينه مكسورة عند قريش مفتوحة عند تميم. فالسيوطي في "المصدر نفسه" يقول: "أهل الحجاز: قد عرض لفلان شيء تقديره ضرب" فالقاعدة أغلبية. ولا يجب اطرادها.
٦ قارن باللهجات ٨٨.

<<  <   >  >>