للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه لهجة تميم١.

ومن الفروق بين تميم وقريش أن تميمًا تجنح كثيرًا إلى إدغام المثلين أو الحرفين المتجاورين المتقاربين، فالأمر من "غض" مثلًا في لغة أهل الحجاز "اغضض" بالفك، وفي التنزيل {اغْضُضْ مِنْ صَوْتِك} ٢ أي: اخفض الصوت.. وأهل نجد يقولون: "غض صوتك" بالإدغام, ومن ذلك قول جرير، وهو كما نعلم تميمي:

فغض الطرف إنك من نمير ... فلا كعبًا بلغت ولا كلابا٣

وتميم تقول: {إِنْ تَمْسَّكُمْ حَسَنَة} ٤، {وَمَنْ يَحْلّ عَلَيْهِ غَضَبِي} ٥ {ولا تمن تستكثر} ٦، وهي جميعًا في القرآن بلهجة قريش مفكوكة الإدغام٧، ومن ذلك أن بني تميم لما أرداو إسكان عين معهم كرهوه٩، فأبدلوا الحرفين حائين وقالوا: "محم" وأصلها "مححم"، فرأوا ذلك أسهل من الحرفين المتقاربين٨.

وإذا كانت الأمثلة السابقة كلها مما اتحد فليه الحرفان وتماثلا, فلم يستغرب فيها الإدغام، ففي قول تميم "فُزْدُ" بالدال عوضًا عن


١ خالفنا فيما ذهبنا إليه هنا صديقنا الباحث الفاضل الأستاذ أحمد راتب النفاخ، فهو لا يرتاب في أن لقب "أهل التحقيق" يرادف "أهل النبر", ولكني -فوق الذي ذكرته في تعليل رأي- أستأنس بالعبارة نفسها على أن "أهل الصواب والحق" هم المقصودون في هذا النص، ولولا ذلك لقال ابن سيده: "اعلم أن الهمزة التي يحقق أمثالها بنو تميم وبعض أهل الحجاز".
٢ لقمان ١٩.
٣ قارن بلسان العرب ٩/ ٦١.
٤ آل عمران ١٢٠.
٥ طه ٨١.
٦ المدثر ٦.
٧ قارن باللهجات ٦٣- ٦٤.
٨ المزهر ١/ ١٩٤ نقلًا عن ابن جني في "سر الصناعة", وقارن بمقدمة الجمهرة.

<<  <   >  >>