للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: الأمعاء، على حين سلكها ابن قتيبة١ في عداد الأسماء المؤنثة التي لا علامة فيها للتأنيث٢.

وينكشف لنا مرة أخرى أن علامات التأنيث ليست ذات بالٍ حين نرى أن الأصل في الأسماء تجردها من هذه العلامات, حتى صرح العلماء بأن كل ما لا يعرف أمذكر هو أم مؤنث, فحقه أن يكون مذكرًا؛ كجبريل وميكال٣. يضاف إلى ذلك أنّ الأسماء المذكرة التي فيها ظاهرة التأنيث إنما توصف منها مسمياتها، ويُخْبَرُ عن ذواتها لا عن أعراضها: "تقول: قال الخليفة كذا، وقال الرواية، وجاء النسابة؛ لأنك تخبر عن الذات، ولست تريد أن الاسم هو الذي جاء وقال"٤.

ونسارع -بعد الذي عرفناه من قلة غناء هذه الأمارات في الدلالة- إلى قبول تعليل المبرد لتأنيث الطاغوت تارةً، وتذكيره أخرى، بأنه جماعة, وهو كل ما عُبِدَ من دون الله؛ من إنس وجن وغيره٥، فلقد ذكره الله صراحة في قوله: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} ٦. وأنثه صراحة في قوله: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} ٧، وجمعه جمع العقلاء في قوله:


١ هو عبد الله بن مسلم، المعروف بابن قتيبة، أبو محمد, كثير التصانيف في الأدب واللغة والدين, طبع كثير من كتبه, ومن أشهرها: "عيون الأخبار", و"الشعر والشعراء", و"تأويل مختلف الحديث". وله كتاب قيم قي الاشتقاق لا يزال مخطوطًا, توفي سنة ٢٧٦هـ, "انظر وفيات الأعيان ١/ ٢٥١".
٢ راجع هذا في المزهر ٢/ ٢٢١, مع أمثلة أخرى من هذا القبيل؛ كالسماء والأرض والقوس والحرب والدرع.
٣ المبرد ١٣٨/ ب.
٤ نفسه ١٣٨/ أ.
٥ نفسه ١٣٦/ أ.
٦ النساء ٥٩.
٧ الزمر ١٧.

<<  <   >  >>