للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} ١؛ وهو في الحالات الثلاث لا يتعين فيه إلّا أنه اسم جنس، فيفرد على التذكير إذا قصد منه جنسه، ويجمع على التأنيث إذا قصدت منه جماعته، أو على تذكير العقلاء إذا قصد منه أفراده.

ومن اليسير -قياسًا على ما مضى- أن نفهم سر التذكير في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} ٣ فليس في إحدى الآيتين رعاية للفاصلة -وما أغنى القرآن عن رعايتها لو أدخلت الضيم على المعنى! - وإنما قصد جنس النخل في التذكير، وأريدت جماعته في التأنيث، وبكلتا الصيغتين نطقت العرب! وعلى كلتيهما بنت تصرفها في الكلام٤ وما تحل العقدة، ولا تذللّ العقبة إلا بثقوب الفهم وجودة التقدير.

من هنا صحّ أن يقرءوا بوجهين قوله تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} ٥, فمن قصد الجنس, ذكر بالبناء للماضي فقال: "تشابه علينا", ومن قصد الجماعة أنّث بصيغة المضارع "تَشَابَهُ" بعد حذف إحدى التائين تخفيفًا إذ أصله "تتشابه"٦, وصح أيضًا أن تقول: "البلدة" فتريد البقعة، و"البلد" فتريد المكان ٧.

وابن سيده في كتابه "المخصص" قد لاحظ تردد جمع الجنس بين التذكير والتأنيث في كلام العرب وفي التنزيل، فنبه عليه وقال: "فمن


١ البقرة: ٢٥٧.
٢ القمر: ٢٠.
٣ الحاقة: ٧.
٤ قارن بالمبرد ١٣٢/ أ.
٥ البقرة ٧٠.
٦ قارن بالمبرد ١٣٢/ ب.
٧ نفسه ١٤٧/ أ.

<<  <   >  >>