للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البدو يجنحون إلى التفخيم، ففضلوا الطاء على التاء, فقالوا: أفلطني لرجل إفلاطًا، عوضًا عن: "أفلتني إفلاتًا". وفي هذا يقول صاحب المخصص: "وقد أبدلت الطاء من التاء في "فعلت", إذا كانت بعد حروف من حروف الإطباق". قال: "وهي لغة تميم، قالوا: فَحَصْطَ برجلك، يريدون فحصت١، وحِصْطَ, يريدون حصت" وفضلوا الصاد على السين فقالوا: "شمر عن صاقه" عوضًا عن "ساقه".

وقد أشار إلى هذا ابن منظور في مادة "سمخ" فقال: "السماخ الثقب الذي بين الدُّجْرَيْن من آلة الفدان. والسماخ لغة في الصماخ، وهو والج الأذن عند الدماغ, وسمخه يسمخه سمخًا, أصاب سماخه فعقره.. ولغة تميم الصمخ"٢. وابن جني يسلك هذا في باب الإدغام، إذ لا يراه -كما أوضحنا- إلّا تقريب الصوت من الصوت، ويعد منه تقريب الصاد من الزاي؛ لأن كليهما أسَليّ مخرجًا, صفيري صفة، نحو: مصدر ومزدر، والتصدير والتزدير, وعليه قول العرب في المثل: "لم يُحْرَم مَنْ فَزْدَله" أصله: فصد له، ثم أسكنت العين على قولهم في ضُرِبَ: ضُرْب، وقوله٣:

ونفخوا في مدائنهم فطاروا

فصار تقديره: فصد له، فلما سكنت الصاد فضعفت به, وجاورت الصاد "وهي مهموسة" الدال "وهي مجهورة"، قربت منها بأن أُشمت شيئًا من لفظ الزاي المقاربة للدال بالجهر"٤. وإذا تذكرنا أن


١ المخصص ١٣/ ٢٧٠.
٢ لسان العرب ٣/ ٥٠٤.
٣ أي: قول القطامي الشاعر المشهور، وصدر البيت:
ألم يجز التفرق جند كسرى
٤ الخصائص ١/ ٥٣٥-٥٣٦. وقارن بالمزهر ١/ ٤٦٧.

<<  <   >  >>