أفردت هذا البحث وإن كان حقه أن يذكر في أحداث سوق عكاظ؛ لخطره وبعد أثره, ولأن هذا الفجار كان في حقيقته نزاعا على النفوذ التجاري والأدبي، بين قريش وأحلافها وبين هوازن القبيلة المعروفة بعددها وبطشها.
وقعت هذه الحرب وكان بودّ قريش ألا تقع؛ لميلها إلى السلم الضروري لتجارتها وكانت تجنح إلى السلم في كثير من أمورها, وخاصة مع قبيلة هوازن التي لها القوة والمنعة حول عكاظ. فإن قريشا ترهب جانبها وتجتنب ما يعكر الصفو بينها وبين هوازن؛ حرصا على سلامة الموسم وعلى تجاراتها فيه. يدلنا على ذلك أن عبد الله بن جدعان كان طرد مائة ناقة لكلاب بن ربيعة, فأرسل كلاب إلى قريش:"إن سفيهكم أغار عليّ وطرد لي مائة ناقة، فليس لكم أن تشهدوا عكاظ ولي عليكم ترة". وكانت عكاظ في وسط أرض قيس بن عيلان. قال ابن جدعان: "وإن قريشا ائتمرت بقتلي؛ لئلا أجني عليهم الجرائر فيطلبون بسببي