يتقاضانا الكلام على المربد أن نصف البصرة، المدينة التي كان المربد سوقها العامة؛ نظرا لمكانتها التجارية، إذ إنها ثغر العراق في الإسلام. وليس من المستطاع أن نفهم المربد على حقه إذا لم نعرف أحوال بلده البصرة، وسيغنينا هذا التمهيد عن شروح وحواشٍ كثيرة عند كلامنا على المربد نفسه.
مصرت البصرة سنة "١٧" أيام عمر بن الخطاب "في أقصى أرض العرب وأدنى أرض العجم كما أمر الخليفة عمر رحمه الله" وكانت في الجاهلية من ثغور العراق، فيها خليط من أمم شتى؛ فرس ويونان أحلهم فيها الإسكندر، وهنود انتشروا في بطائحها، وقد نزلها العرب منذ القديم، كما فيها أنباط غير قليلين. وكانت هي والأبلة مركزين للتجارة الداخلية والخارجية، وكان يرتادها تجار العرب، وتردد عليها أبو بكر الصديق في الجاهلية مرات.
ولم تكن على عهد الراشدين بالمدينة الكبيرة؛ لحداثة نشأتها العربية، وكانت مستوخمة رديئة الهواء والماء، ليست بالخصبة ولا الغنية،