للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حتى اضطر عمر إلى أن ينظر إلى أهلها نظر رحمة، حينما شكوا إليه أمرهم، فقد جاء في فتوح البلدان١:

"قدم الأحنف بن قيس على عمر في أهل البصرة, فجعل يسألهم رجلا رجلا والأحنف في ناحية البيت" في بت٢ لا يتكلم, فقال له عمر: "أما لك حاجة؟ " قال:

"بلى يا أمير المؤمنين. إن مفاتح الخير بيد الله، إن إخواننا من أهل الأمصار نزلوا منازل الأمم الخالية بين المياه العذبة والجنان الملتفّة، وإنا نزلنا سبخة بشاشة لا يجف نداها ولا ينبت مرعاها، ناحيتها من قبل المشرق البحر الأجاج، ومن قبل المغرب الفلاة، فليس لنا زرع ولا ضرع، يأتينا منافعنا وميرتنا في مثل مريء النعامة، يخرج الرجل الضعيف فيستعذب الماء من فرسخين, وتخرج المرأة لذلك فتربق٣ ولدها كما تربق العنز يخاف بادرة العدو وأكل السبع، فإلا ترفع خسيستنا وتجبر فاقتنا نكن كقوم هلكوا".


١ ص٣٥٦.
٢ البت: طيلسان من خز.
٣ ربقه: ربطه بالربق, وهو حبل فيه عدة عرا.

<<  <   >  >>