فألحق عمر ذراري أهل البصرة في العطاء, وكتب إلى أبي موسى يأمره أن يحتفر لهم نهرا.
هذه بداية أمر البصرة وقد ظلت على حالها، لم تترقّ منها إلى خير منها، حتى صدرا من أيام الأمويين. ومضت خلافة معاوية ولم ينفرج ضيق أهلها تمام الانفراج, فقد قدم الأحنف أيضا على معاوية وافدا لأهل البصرة يستعطفه لهم، وكان فيما وصف به أهلها قوله:"أهل البصرة عدد يسير وعظم كسير مع تتابع من المحول واتصال من الذحول، فالمكثر فيها قد أطرق، والمقل قد أملق، وبلغ منه المخنق"١.
وبانقضاء عهد الفتن فيها واستقرار الأمر بمثل زياد وابنه والحجاج، انصرف أهلها لشئونهم فعكفوا على الزراعة والتجارة, وانتعشوا واستفاض لهم زرع ونخيل وتجارات، فمن ثم عدت البصرة من أكبر ثغور الإسلام قاطبة.
أما الهواء فيها فرديء, وكذلك الماء فهو غير عذب، حتى إنهم
١ زهر الآداب ١/ ٨٧ "الطبعة الثانية, مبارك". المحول: جمع محل وهو القحط. والذحول: جمع ذحل وهو الثأر؛ يعني: أنهم تفانوا لكثرة الحروب والفتن بينهم. وأطرق: غض بصره حياء؛ لأنه لا يجد ما يعطي. وأملق: افتقر.