كان العرب يعظمون أمكنة خاصة وشهورا معينة، لا يسفكون فيها دما، ولا يتجاوز بعضهم على بعض حتى يزايلوا المكان الحرام، أو ينقضي الشهر الحرام.
وكان من بعد النظر أن جعلوا أكبر أسواقهم يقام في الأشهر الحرم، فكانت سوق حُباشة وسوق صُحار في رجب، وحضرموت في ذي القعدة، وعكاظ ومجنة وذو المجاز في ذي القعدة وذي الحجة، ومعلوم أن الأشهر الحرم أربعة: رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، تضع فيهن العرب سلاحها, فلو لقي المرء قاتل أبيه ما وسعه التعرض له بسوء، حتى إن تلقيبهم رجبا بالأصم، كان لأنه لا ينادى فيه:"يا صباحاه"١, ولا "يا لَفلان" فينقطع فيه صوت الأسلحة.
وكان من أعظم العار أن يتعدى المرء حدود الشهر الحرام والبلد الحرام. ولهذا سمت العرب حروب قريش وهوازن في عكاظ بحروب الفجار؛ لفجورهم باقتتالهم في الشهر الحرام.