للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولما ترصدت سرية عبد الله بن جحش عير قريش, وكانت تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارتهم فيها عمرو بن الحضرمي، بنخلة بين مكة والطائف، وظفرت بالعير وقتلت ابن الحضرمي بعد أن هاب قوم الإقدام على القتل؛ لأنهم كانوا في آخر يوم من رجب، وأقبلوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالعير وبأسيرين؛ امتنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أخذ الخمس, وقال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام" ١. وسُقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا.

وأيقنت قريش أنها وقعت على ما تعيب به محمدا وأصحابه عند العرب عامة؛ لما انتهكوا من حرمة الشهر, فجعلت تشيع قولها:

"قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام, وسفكوا فيه الدم, وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال". وأكثروا من ذلك لما فيه من تهييج العرب وتغيير قلوبها على صاحب الدعوة وتصويرها له في صورة المستحل الذي لا يرعى حرمة للشهر المحرم كما لم يرع من قبل حرمة آلهتهم. وتناست قريش ما كانت صنعت مع النبي وأصحابه من إيذاء وتعنيف, حتى اضطروهم إلى الهجرة إلى الحبشة ثم


١ سيرة ابن هشام ٢/ ١٩٤.

<<  <   >  >>