للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مثل سوق عدن وصنعاء وعمان ... كان شأنها ممتازا من بقية الأسواق التي في قلب الجزيرة كحجر أو كحضرموت؛ لشيوع الاتجار فيها مع الجيران من هند وحبشة وفرس في الأولى، واقتصار الثانية على القبائل المتاخمة لها.

فتتميز الأسواق التي على فُرَض البحر بوجود النزال الأجانب وتأثر أصحابها باختلاطهم بهؤلاء, وما يستتبع ذلك من تغيير في العادات والرقيّ والصبغة، فليس من المعقول أن تكون أحوال سوق صنعاء مثلا مشابهة كل المشابهة الأحوال التي لسوق هجر، أو التي لسوق الجند١ القديمة باليمن، أو سوق الجُرَيب وهي خاصة باليمن أيضا، يتسوقها في موعدها عشرة آلاف٢, أو سوق وادي القرى, أو سوق "قُرْح"٣ الذي هلك فيه قوم عاد فيما يزعمون.


١ الجند: أول مدن اليمن التي على سمت نجدها، وهي أعظم أقسام اليمن الإدارية الثلاثة على عهد الراشدين؛ اختارها معاذ بن جبل حين ولي اليمن لرسول الله، واختطّ فيها مسجده. ونقل ياقوت أن الناس فيما بعد صاروا يحجون إلى هذا المسجد، ولها ماضٍ قديم جدا, إليه أشار الشاعر بقوله:
الغدر أهلك عادا في منازلها ... والبغي أفنى قرونا دارها الجند
ونص الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" على أنها من أسواق العرب القديمة. انظر الإكليل ١٠/ ٥٧ وحواشيها.
٢ المصدر السابق ص٨٦.
٣ انظر "قرح" في معجم البلدان, ولسان العرب.

<<  <   >  >>