للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هذا, ولم يخفف الإسلام كثيرا من شغف العرب بالتجارة١, فقد استمروا فيه على ما كانوا عليه في الجاهلية، وإذا استثنينا فترة الفتوح التي شغلتهم كانت أحداثهم التجارية في الإسلام امتدادا لأحداثهم في الجاهلية, مع مراعاة الظروف التي تغيرت كل التغير, وشغل القرشيون بالجهاد فكان منهم عمال ومنهم قواد ومنهم قضاة ... إلخ. وخير ما يدلنا على بقاء ولوع القوم بالتجارة آية الجمعة.

كان المسلمون يجهزون العير إلى الشام -كما في الجاهلية- فتذهب بأموالهم ومتاعهم فتباع هناك, ثم تحمل إلى الحجاز فتأتي المدينة، وكانوا يستقبلونها بالطبل والتصفيق فرحا بها، فذكر المفسرون أن دحية بن خليفة الكلبي رجع مرة بتجارة زيت وطعام من الشام والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة على منبر مسجد المدينة، فاستقبلها الناس كعادتهم


١ جاء في الفائق للزمخشري: "قال قيس بن أبي غرزة: كنا نسمى السماسرة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأتانا ونحن بالبقيع، فسمانا باسم هو أحسن فقال: "يا معشر التجار" فاستمعنا إليه فقال: "إن هذا البيع يحضره الحلف والكذب, فشوبوه بالصدقة" " ا. هـ.
فلعل "السماسرة" كانت تطلق على صنف من مزاولي بعض أعمال التجارة الصغيرة كما تطلق لعهدنا هذا، ولكن الرسول كان من خلقه أن يخاطب الناس بما يحبون.

<<  <   >  >>