فاندفع الناس على الغنم ينتهبونها ويذهب كل لطيته، فما هو أن يسأل سائل عما حمل سعدا على إنهاب معزاه حتى يعلم أنه طلب يوما إلى ابنه هبيرة أن يسرح في معزاه فيرعاها, فأجاب هبيرة:"والله لا أرعاها سن الحسل"١, فنادى سعد ولده الآخر صعصعة قائلا:"يا صعصعة, اسرح في غنمك".
قال:"لا والله لا أسرح فيها، ألوة١ الفتى هبيرة".
فغضب سعد وسكت على ما في نفسه, حتى إذا أصبح ساق المعزى كلها إلى عكاظ، فكان منه ما رأى الناس.
سار هذا الحدث في عكاظ بين العرب واشتهر حتى صار مثلا يضرب، إذا أراد أحدهم قطع أمل صاحبه من أمر قال: لا أفعله "حتى يجتمع معزى الفزر" وأصبحت هذه القولة من أمثال العرب.
قال شبيب بن البرصاء:
ومرة ليسوا نافعيك ولن ترى ... لهم مجمعا حتى ترى غنم الفزر١
١ انظر أمثال الضبي ص٢٢ طبعة الجوائب. الحسل: ولد الضب ولم توجد دابة قط أطول عمرا منه، وسن كل دابة يسقط إلا سن الحسل, والمعنى: لا أرعاها أبدا. ألوة. يمين، قسم.