للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه السوق لكنانة وأرضها من أرض كنانة، تقوم في العشر الأخير من ذي القعدة١ ويقصدها العرب بقضّهم وقضيضهم بعد أن تنفضّ سوق عكاظ، يتممون فيها ما قصدوا له من تجارة وفداء وتفاخر و ... على شبه التفصيل المتقدم في عكاظ, ويجلب إليها ما يجلب إلى تلك من متاع وعروض. ولم تكن الخمر لتقل فيها شأنا عن بقية الأسواق, فقد كانت تحمل إليها من معادنها من الشام، ومن بصرى وغزة حتى صار يشيد بذكرها الشعراء. قال أبو ذؤيب الهذلي:

سلافة راح ضمنتها إداوة ... مقيَّرة ردف لمؤخرة الرحل

تزوّدها من أهل بصرى وغزة ... على جسرة مرفوعة الذيل والكفل

فوافى بها عسفان ثم أتى بها ... "مجنة" تصفو في القلال ولا تغلي٢

ومجنة وعكاظ وذو المجاز تستوي في نظر المحرمين من العرب


١ هذا قول جمهرة العلماء، أما ياقوت فمع أنه وافقهم على هذا عند كلامه على "مجنة"، خالفهم وناقض قوله هو نفسه, فقال عند الكلام على عكاظ هذا القول الغريب: "كانت العرب تقيم سوق عكاظ في أول شهر شوال, ثم تنتقل إلى سوق مجنة فتقيم فيه عشرين يوما من ذي القعدة, ثم تنتقل إلى سوق ذي المجاز فتقيم فيه إلى أيام الحج".
٢ السلافة: الخمر, وكذا الراح. والإداوة: المطهرة. والمقيرة: المطلية بالقار. الردف: الراكب خلف الراكب وكل ما تبع شيئا فهو ردفه.
والرحل: مركب للبعير. والجَسْرة: الناقة العظيمة الماضية. والكِفْل: مركب للرجال يؤخذ من كساء, فيعقد طرفاه فيلقى مقدمه على الكاهل ومؤخره مما يلي العجز. القلال: جمع قلة, وهي الجرة العظيمة.

<<  <   >  >>