كنوز، فيذكرون أموالا جمة ودنيا عريضة. بنى اليهود فيها حصونا عديدة جعلوا فيها أموالهم وميرتهم من طعام وحب وثمر. وهم في الجملة أهل بأس وشكيمة, قاوموا كثيرا قبل أن يفتح المسلمون حصونهم، ثم غلبوا على أمرهم فافتتح المسلمون حصن ناعم ثم القموص ثم حصن الصعب بن معاذ وهو أعظم حصونها غناء وأكثرها طعاما وودكا، ثم الوطيح، ثم السلالم, ثم الشق. وكان في الغنائم ذهب كثير وفضة كثيرة، فجعل الصحابة يتبادلونهما حتى نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يبتاع الذهب بالذهب والفضة بالفضة. بين تلك الحصون حصن الشق وحصن نطاة وحصن الكتيبة, وكان لكل حصن خازن يخبئ أموال أهله, وكان كنانة بن الربيع عنده كنز بني النضير فلما أسر سئل عنه فأنكر, فاهتدى الفاتحون إليه فوجدوا أموالا طائلة.
اتسعت تجارات اليهود في خيبر وغيرها حتى استطاع الرجل الواحد منهم كأبي رافع الخيبري أن يسيّر قوافل تجارية لحسابه إلى الشام. وهم نشروا في الجزيرة التعامل بالربا كما تقدم في أول الكتاب, وأثروا إثراء ضخما. وكلما مرت عير لقريش أو لطيمة من لطائم النعمان قامت لها سوق في خيبر. وقد جعل المرزوقي زمنها بعد زمن سوق ذي المجاز, أي: بعد أشهر الحج وقبل أن تبتدئ سوق حجر.