ونظرا لمركزها التجاري المهم وكونها سوقا عامة للقوافل الآتية من جزيرة العرب وتوسطها بين أماكن قبائل النبط والبدو وغيرهم, حصنها الرومانيون وعنوا بها عناية فائقة, وجعلوا فيها الحاميات القوية لمراقبة قبائل الصحراء وحركاتهم، فهي قلعة الرومان في وجه البادية والصحراء، ومعقلهم يصدون منها ما قد تتعرض له الشام من هجمات القبائل.
انتظم سير القوافل التجارية العربية إلى بصرى قبل الإسلام بزمن طويل. وكان رحل إلى الشام فسكنها وما حولها, عرب من اليمن بعد حادث سيل العرم, وكانت تزعم لها الشهرة قبل هذا الحادث أيضا. فقد جاء في الأغاني:
لما أرسل الله سيل العرم على أهل مأرب قام رائدهم فقال: من كان يريد الخمر والخمير، والأمر والتأمير، والديباج والحرير، فليلحق ببصرى والحفير، وهي من أرض الشام فكان الذين سكنوه غسان. ا. هـ.
ولما عظم أمر قريش صارت عيرهم ترد بصرى في مقدمة ما ترد من مدن الشام وتعددت أسفارهم إليها، وليس في قريش تاجر إلا رحل إليها مرارا وعرفها حق المعرفة، كما عرف أغلب مدن الشام، فاستفادوا من خبرتهم بهذه