خرج في ركب الرشيد إلى الحيرة، فلما نام الرشيد اغتنم غفلته فركب يدور في ظهر الحيرة, فنظر إلى بستان فقصده, فإذا على بابه شاب حسن الوجه ... وإذا جنة من الجنان في أحسن تربة وأغزرها ماء.. فقال فيه:
جنان شمارى ليس مثلك منظر ... لذي رمد أعيا عليه طبيب
ترابك كافور ونورك زهرة ... لها أرج بعد الهدو يطيب
ثم صنع فيه لحنا وغناه الرشيد، فأعطاه ثمن البستان أربعة عشر ألف دينار.
لم نهتد إلى الزمن الذي تقوم فيه هذه السوق. أما ريع الطريق فقد جعله النعمان طعمة لبني لام من طيء؛ لأنهم أصهاره١. ونظرا لوقوع هذه السوق في سلطة المناذرة كانت عشورها إليهم لأنهم هم المسيطرون عليها. والأمر فيها على كل حال أكمل وأتم من بقية الأسواق من حيث النظام والأمن؛ لأنها في أرض مملكة.
وإليك الآن مشاهد مما كان يجري في تلك السوق على سبيل المثال، ولا تعجب إذا كان أكثرها في الخمرة؛ لأن الخمرة والنضرة والعزف والشعر والغناء هن الطابع الخاص للحيرة: