"يا بني حية, إن هؤلاء القوم أرادوا أن يفضحوا ابن عمكم في مجاده" فقال رجل منهم: "عندي مائة ناقة سوداء، ومائة ناقة حمراء أدْماء" وقام آخر فقال: "عندي عشرة حصن، على كل حصان منها فارس مدجج, لا يرى منه إلا عيناه".
وقال حسان بن جبلة الخير:
"قد علمتم أن أبي قد مات وترك مالا كثيرا، فعلي كل تمر أو لحم أو طعام ما أقاموا في سوق الحيرة! ".
ثم قام إياس فقال: "علي جميع ما أعطيتم كلكم".
وكان حاتم لا يعلم بشيء مما فعلوا, فذهب إلى مالك بن جبار ابن عم له بالحيرة كان كثير المال، فقال: "يابن عم, أعنِّي على مخايلتي "مفاخرتي"" فقال مالك: "ما كنت لأخرب نفسي ولا عيالي وأعطيك" فانصرف عنه.
ثم أتى حاتم ابن عم له يقال له: وهم بن عمرو، وكان حاتم يومئذ مصارما له لا يكلمه، فقالت له امرأته:"أَيْ وهم! هذار الله أبو سَفَّانة حاتم، قد طلع" فقال: "ما لنا ولحاتم، أثني النظر" فقالت: "حاتم! " قال: "ويحك, هو لا يكلمني، فما جاء به إلي؟! " فنزل حتى سلّم عليه فرد سلامه وحياه ثم قال: "خاطرت على حسبك وحسبي" قال: "في الرحب والسعة، هذا مالي "وعِدّته يومئذ تسعمائة بعير" تأخذها مائة مائة حتى تذهب الإبل, أو تصيب ما تريد".
فقالت له امرأته: "أنت تخرجنا عن مالنا وتفضح صاحبنا "تعني زوجها"؟ " قال:
"اذهبي عني, فوالله ما كان الذي غمّك ليردني عما قبلي".
ثم إن إياس بن قبيصة قال: "احملوني إلى الملك" وكان به نقرس، فحمل حتى أدخل عليه فقال: "أنعم صباحا أبيت اللعن" فقال النعمان: "وحياك إلهك" فقال إياس:
"أتمد أختانك بالمال والخيل, وجعلت بني ثعل في قعر الكنانة؟ ١ أظن
١ الأختان: الأصهار. والكنانة: جعبة السهام.