للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البيت فقيل له: "هذا لبشار فيك" فرجع إلى منزله من فوره ولم يدخل المربد حتى مات.

فانظر في بضاعة المربد هذه، واعجب كيف ينقبض فيه الأخيار ويتسلط الأشرار!

١٤- معركة الرجاز:

نترك حلبة الشعراء إلى حلبة أخرى أطرف وأظرف؛ لأن أصحابها ذوو أصول بدوية مقيمون في الحضر. تلك هي حلبة الرجاز: أبي النجم العجلي ورؤبة وأبيه، فننظر كيف يتنافس هؤلاء، حتى إذا سكنت الريح بينهم أتت قبائلهم فأثارتها وكدّرت ما بينهم حتى يعود الشر جَذَعَة١ كما كان بدأ، ولعل المنظر الذي سنعرضه بعد قليل أروع منظر شهده المربد.

قال فتيان من عجل لأبي النجم: "هذا رؤبة بالمربد يجلس فيسمع الناس شعره، وينشد الناس ويجتمع إليه فتيان من بني تميم، فما يمنعك من ذلك؟ " فقال: "أرتحبون هذا؟ " قالوا: "نعم" قال: فأتوني بعُسّ٢ من نبيذ, فأتوه به فشرب ثم نهض وقال:

إذا اصطبحت أربعا عرفتني ... ثم تجشمت الذي جشمتني

وأقبل إلى المجلس بالمربد, فلما رآه رؤبة أعظمه وقام له عن مكانه وقال: "هذا رجاز العرب" وسألوه أن ينشدهم, فأنشدهم أرجوزته التي أولها:

الحمد لله الوهوب المجزل


١ أصل الجذع: ولد الشاة في السنة الثانية, والأنثى جذعة. وطفئت حرب بين قوم, فقال أحدهم: إن شئتم أعدناها جذعة؛ يريد: من أول.
٢ العس بالضم: القدح الكبير.

<<  <   >  >>