للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشركين وأعطيتم الخمس من الغنائم وسهم النبي والصفي, فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله، لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم".

فقال القوم, وقد تكاثروا حوله: "حدثنا -أصلحك الله- بما سمعت من رسول الله" قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "صوم شهر الصبر، وصوم ثلاثة من كل شهر، يذهبن وَحَر الصدر" ".

فقال له القوم: "أنت سمعت هذا من رسول الله؟ " فأثاره شكهم هذا وأغضبه فقال: "أراكم تخافون أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا حدثتكم حديثا". ثم أهوى إلى الصحيفة وانصاع١ مدبرا.

قال المحدث: فقيل لي لما تولى: هذا النمر بن تولب العكلي٢ الشاعر!

١٦- من محن السياسة:

أترك معركة الرجاز تلك، وأترك أبا النجم في زهو ظفره ونشوة


١ انصاع: انفتل راجعا مسرعا.
٢ كان النمر يسمى الكيس لحسن شعره. وهو جاهلي أدرك الإسلام, وهو القائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنا أتيناك وقد طال السفر ... نقود خيلا ضمرا فيها عسر
نطعمها الشحم إذا قل الشجر ... والخيل في إطعامها اللحم ضرر
عاش إلى أن خرف وأهتر, وكان هجيراه أن يقول: "أصبحوا الركب، أغبقوا الركب" كعادته التي كان عليها. ومن شعره قوله:
لا تغضبن على امرئ في ماله ... وعلى كرائم صلب مالك فاغضب
وإذا نصبك خصاصة فارج الغنى ... وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب
وقوله:
واعلم أن ستدركني المنايا ... فإلا أتبعها تتبعني
أهتر: خرف, وهجيراه: دأبه وعادته. انظر طبقات الشعراء لابن سلام.

<<  <   >  >>