مكة رباعا بين قومه, فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها ... فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها, وتيمنت بأمره فما تنكح امرأة ولا يتزوج رجل من قريش ولا يتشاورون في أمر نزل بهم ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره ... إلخ"١.
فأنت ترى أن قصيا مكَّن دعائم قريش ونظم أمورهم ثم جعل من داره التي اتخذها لنفسه وجعل بابها إلى الكعبة مجلس شورى لقريش ودار حكومة معا وسماها دار الندوة. وكانت قريش بعده لا تقضي أمرا إلا فيها، فيها ينظمون عيرهم إلى الشام أو اليمن فلا تخرج عير إلا منها ولا يقدمون إلا نزلوا فيها، ويتفاوضون في أمر تجارتهم وحربهم وسلمهم. وفيها كان معظم المؤامرات التي ائتمروا بالنبي وأصحابه في بدء الدعوة، وكانت لهم محكمة يلجأ إليها المتخاصمون ويقضي فيها شيوخهم المقدمون. ولا ريب أن أمور التجارة القرشية بعد الذي صنع قصي لهم اطرد تقدمها وازدهارها, فاتسعت ونمت.
وأراد قصي تثبيت هيبة قريش في نفوس العرب ففرض عليهم